الايثيريوم (Ethereum) عبارة عن منصة عامة مفتوحة المصدر معتمدة على أو مدعومة بـ تقنية البلوكتشين (سلسلة الكتل)، تشتهر بعملتها المشفرة الأصلية، والتي تسمى الإثير، أو (اختصاراً ETH)، أو ببساطة الإيثريوم. تقوم المنصة بوظيفة العقود الذكية التي تسهل إبرام عقود على الإنترنت تُحاكي العقود التقليدية في العالم الحقيقي مع توفير عنصر الأمان والثقة. إن الطبيعة الموزعة لتقنية البلوكتشين هي ما تجعل منصة الايثريوم آمنة، وهذا الأمان هو الذي يُمكّن عملة الإيث (ETH) من الحصول على قيمتها.
تدعم منصة الايثيريوم عملة الإيثر بالإضافة إلى شبكة من التطبيقات اللامركزية، والمعروفة اختصاراً باسم (dApps). تعد العقود الذكية، التي نشأت على منصة الايثريوم، مكوناً رئيسياً لكيفية عمل النظام الأساسي؛ في الواقع، يستخدم العديد من تطبيقات التمويل اللامركزي (DeFi) والتطبيقات الأخرى هذه العقود الذكية جنباً إلى جنب مع تقنية البلوكتشين. وباعتبارها عملة مشفرة، تحتل الايثريوم المرتبة الثانية في القيمة السوقية بعد البيتكوين (Bitcoin) اعتباراً من يناير 2022.
كيف يعمل بلوكتشين الايثيريوم ؟
يستخدم الايثيريوم، مثل العملات المشفرة الأخرى، تقنية البلوكتشين. تخيل سلسلة طويلة جداً من الكتل مرتبطة ببعضها البعض، مع كل المعلومات حول كل كتلة معروفة لكل عضو في شبكة البلوكتشين. مع كل عضو في الشبكة لديه نفس المعرفة بالبلوكتشين، والتي تعمل مثل دفتر الأستاذ الإلكتروني (electronic ledger)، يمكن إنشاء إجماع موزع (distributed consensus) والحفاظ عليه حول حالة البلوكتشين.
تعمل تقنية البلوكتشين على إنشاء إجماع موزع حول حالة شبكة الايثيريوم. ويتم إضافة كتل جديدة إلى سلسلة بلوكتشين الايثيريوم، الطويلة جداً، لمعالجة معاملات الايثيريوم وصك عملات إيثر (ether) جديدة، أو لتنفيذ عقود ذكية لـتطبيقات الايثيريوم الغير مركزية (Ethereum dApps).
تستمد شبكة الايثيريوم أمانها من الطبيعة اللامركزية لتكنولوجيا البلوكتشين؛ حيث تحتفظ شبكة واسعة من أجهزة الكمبيوتر في جميع أنحاء العالم بشبكة بلوكتشين الايثيريوم، وتتطلب الشبكة إجماعاً موزعاً – اتفاق الأغلبية – لإجراء أي تغييرات على البلوكتشين. سيحتاج فرد أو مجموعة من المشاركين في الشبكة إلى التحكم بالأغلبية في قوة الحوسبة لمنصة الايثريوم – وهي مهمة قد تكون هائلة، إن لم تكن مستحيلة – للتلاعب بنجاح في هذا البلوكتشين الرائع.
بدون أي تعقيد وببساطة يمكن أن نقول أن منصة الايثيريوم بإمكانها أن تدعم العديد من التطبيقات اللامركزية، أكثر من مجرد دعم عملة الإيثر والعملات المشفرة الأخرى. يمكن لمستخدمي الشبكة إنشاء مجموعة متنوعة من التطبيقات ونشرها وتحقيق الدخل منها واستخدامها على منصة الايثيريوم، ويمكنهم استخدام عملة الإيثر (ETH) أو أي عملة مشفرة أخرى كوسيلة للدفع.
وبعبارة أخرى، الايثريوم (Ethereum) هي واحدة من أحدث التقنيات في العالم، والتي تقدم حلولاً تكنولوجية تقضي على وجود الوسطاء في العديد من القطاعات الحيوية. على سبيل المثال، وفي حين تهدف عملة البيتكوين لجعل تطبيق باي بال (PayPal) ومزودي الخدمات المصرفية وتحويل الأموال عبر الإنترنت في خانة الماضي، فإن الايثريوم لديها هدف يتمثل في استخدام البلوكتشين ليؤدي وظيفة أطراف ثالثة، كالوسطاء، ومزودي الخدمات السحابية مثل تلك التي تُخزن البيانات، وعمليات نقل الرهون العقارية وتتبع الأدوات المالية المعقدة، العمليات المحاسبية، سجلات البنوك، المعالجة المالية، تيسير المدفوعات، و ما إلى هنالك، وصولاً إلى أي قِطاع كيف ما كان، بحيث يمكن جعله لامركزياً.
تاريخ موجز للإيثيريوم
نشر فيتاليك بوتيرين، الذي يُنسب إليه الفضل في تصور مفهوم الايثيريوم الأصلي، ورقة بيضاء لتقديم الايثريوم في عام 2013، وتم إطلاق منصة الايثيريوم في عام 2015 من قبل بوتيرن نفسه و جوي لوبين (Joe Lubin)، مؤسس شركة برمجيات البلوكتشين ConsenSys. أول من نظر في الإمكانات الكاملة لتقنية البلوكتشين، بما يتجاوز مجرد تمكين التداول الآمن للعملات الافتراضية.
أحد الأحداث البارزة في تاريخ الايثيريوم هو الانقسام الصلب، أو الانقسام، للإيثريوم والايثريوم كلاسيك (Ethereum Classic). في عام 2016، اكتسبت مجموعة من المشاركين في الشبكة سيطرة الأغلبية على بلوكتشين الايثيريوم لسرقة أكثر من 50 مليون دولار من عملة الإيثر، والتي تم جمعها لمشروع يُسمى The DAO.
في الحقيقة، يُعزى نجاح هذه المداهمة إلى مشاركة مطور خارجي للمشروع الجديد، وبينما اختار غالبية مجتمع الايثريوم عكس السرقة عن طريق إبطال بلوكتشين الايثيريوم الحالي والموافقة على بلوكتشين مع تاريخ منقح، اختار جزء صغير من المجتمع الاحتفاظ بالإصدار الأصلي من بلوكتشين الايثريوم. وتنقسم هذه النسخة غير المُعدلة من الايثيريوم بشكل دائم لتصبح عملة مشفرة جديدة هي ايثيريوم كلاسيك (Ethereum Classic)، أو ETC.
منذ إطلاق الايثيريوم، ارتفعت عملة الإيثر باعتبارها عملة مشفرة، لتصبح ثاني أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية، وتم تجاوزها فقط بواسطة عملة البيتكوين (Bitcoin).
ما الفرق بين الإيثيريوم والبيتكوين ؟
غالباً ما تتم مقارنة عملة الإيثر مع البيتكوين. في حين أن هناك العديد من أوجه التشابه بين العملات المشفرة، يجب على المستثمرين الجدد أو المبتدئين الانتباه إلى بعض الفروق المهمة. توصف الايثيريوم بأنها “البلوكتشين القابل للبرمجة في العالم”، حيث تضع نفسها كشبكة إلكترونية قابلة للبرمجة مع العديد من التطبيقات. على النقيض من ذلك، تم إنشاء بلوكتشين البيتكوين فقط لدعم عملة البيتكوين المشفرة.
“تم تأسيس منصة الايثيريوم بطموحات واسعة للاستفادة من تقنية البلوكتشين في العديد من التطبيقات المتنوعة؛ بينما تم تصميم البيتكوين بشكل صارم كعملة مشفرة”
الحد الأقصى لعدد عملات البيتكوين التي يمكن أن تدخل التداول هو 21 مليون؛ فيما كمية الإيثر (ETH) التي يمكن إنشاؤها غير محدودة، على الرغم من أن الوقت الذي تستغرقه معالجة كتلة من الإيثر يحد من كمية الإيثر التي يمكن سكها كل عام. كان عدد عملات الإيثر المُتداولة أكثر من 118 مليوناً في نهاية عام 2021.
يتمثل أحد الاختلافات الرئيسية التي تؤثر على المستثمرين في كيفية تعامل شبكات الايثريوم والبيتكوين مع رسوم معالجة المعاملات. يتم دفع هذه الرسوم، المعروفة باسم “الغاز” على شبكة الايثريوم، من قبل المشاركين في معاملات الايثيريوم؛ فيما يتم استيعاب الرسوم المرتبطة بمعاملات البيتكوين بواسطة شبكة بيتكوين الأوسع.
إحدى الطرق المهمة التي تتشابه بها الايثيريوم والبيتكوين هي أن كلتا شبكتي البلوكتشين تستهلكان كميات هائلة من الطاقة. تعمل كل من هذه البلوكشينات باستخدام بروتوكول إثبات العمل (proof of work)، وهو منهجية تتطلب قوة حوسبة واسعة للتحقق من صحة المعاملات وصك العملات الجديدة. ينتقل الايثيريوم تدريجياً إلى بروتوكول تشغيل مختلف يُعرف باسم إثبات الحصة (proof of stake)، والذي يستخدم طاقة أقل بكثير.
ماذا عن مستقبل الايثيريوم ؟
يعد انتقال الايثيريوم إلى بروتوكول إثبات الحصة، والذي يُمكّن المستخدمين من التحقق من صحة المعاملات وصك عملات الإيثر (ETH) الجديدة استناداً إلى مقتنياتهم من الإيثر، جزءاً من ترقية رئيسية لمنصة الايثيريوم المعروفة باسم الإيث٢ (Eth2). تضيف الترقية أيضاً قدرة إلى شبكة الايثيريوم لدعم نموها، مما يساعد على معالجة مشاكل ازدحام الشبكة المُزمنة التي أدت إلى زيادة رسوم الغاز.
من ناحية أخرى، الأمر الذي يُميز نظام الإيثريوم هو أنه مُعترف به من قِبل العديد من الشركات العالمية، مثل: مايكروسوفت، إنتل، البنك الاستثماري جي بي مورغان، وكذلك أكثر من 86 مؤسسة مالية اقتصادية كُبرى على مستوى العالم تعترف بنظام الإيثريوم وتسعى لتبنيه. بصفة عامة، يستمر اعتماد الايثريوم وتبنيها، بما في ذلك من قِبل الشركات البارزة في العالم. ففي عام 2020، أعلنت شركة إي ام دي Advanced Micro Devices (AMD) لصناعة الرقائق عن مشروع مشترك مع شركة ConsenSys لإنشاء شبكة من مراكز البيانات المبنية على منصة الايثيريوم لتنافس التكنولوجيا الشهيرة على منصة Azure السحابية من شركة مايكروسوفت (Microsoft).
كيف يمكنني شراء الايثيريوم؟
الاستثمار في عملة الإيثر أثبت أنه واحداً من أفضل استثمارات التكنولوجيا، وأكثرها ملائمة منذ بداية انطلاق ثورة البلوكتشين والعملات المشفرة. ويمكن للمستثمرين استخدام واحدة من العديد من منصات تبادل العملات المشفرة لشراء وبيع عملة الإيثر. يتم دعم بلوكتشين الايثريوم من خلال منصات مُتخصصة، بما في ذلك بينانس (Binance)، وأوك اكس (okx)، وكوكوين (kucoin)، وكوين بيز (Coinbase)، وكراكن (Kraken)، وجيميني (Gemini)، وغيرهم؛ ومن خلال شركات سمسرة مثل تطبيق روبن هود (Robinhood).
كيف يكسب بلوكتشين الايثريوم المال؟
الايثريوم ليست منظمة مركزية تكسب المال، المعدنين (Miners) والمدققين (validators) الذين يشاركون في تشغيل شبكة البلوكتشين الشهيرة، عادةً عن طريق التعدين، يكسبون مكافآت بعملة الإيثر (ETH) مقابل مساهماتهم.
هل الايثريوم هي عملة مشفرة فقط؟
تحتوي منصة الايثيريوم على عملة مشفرة أصلية، تُعرف باسم الإيثر (ether) أو الإيث (ETH). بينما الايثريوم نفسها هي عبارة عن منصة مبنية على تقنية البلوكتشين تدعم مجموعة واسعة من التطبيقات اللامركزية (dApps)، بما في ذلك العملات المشفرة. يُطلق على عملة الإيثر (ETH) عادةً اسم ethereum، على الرغم من أن التمييز لا يزال قائماً في أن الايثريوم عبارة عن منصة مدعومة من البلوكتشين والإيثر هي عملتها المشفرة.
يعد الاستثمار في العملات المشفرة وعروض العملات الأولية (ICOs) محفوفاً بالمخاطر والمضاربة اليومية تحتاج لأفراد متدربين ومؤهلين من أصحاب الخبرة للقيام بها، وهذه المقالة ليست توصية استشارية أو استثمارية من بيتكوين عربية أو من فريق التحرير للاستثمار في العملات المشفرة أو الـ (ICO). ونظراً لأن حالة كل فرد فريدة من نوعها، يجب دائماً استشارة محترف مؤهل قبل اتخاذ أي قرارات مالية.