البلوكشين المشفرة موجودة منذ أكثر من 12 عاماً حتى الآن؛ لقد بدأ كل شيء مع البيتكوين القديم والجيد في عام 2008، ويبدو أننا نحصل على المزيد من البلوكتشينات في كل عام. يستخدم البعض أسلوب إثبات العمل (proof-of-work)، بينما يُفضل البعض الآخر أسلوب إثبات الحصة (proof-of-stake).
ولكن، وبغض النظر عن عدد سلاسل الكتل (البلوكتشينات) الجديدة التي نحصل عليها، فإن معظمها غير قابل للتشغيل البيني، وهذا يعني أنهم لا يستطيعون التحدث مع بعضهم البعض، وهذه هي المشكلة التي يعالجها كوزموس. تابع القراءة لمعرفة المزيد حول كوزموس (Cosmos) وكيف تتعامل مع شبكة البلوكتشين؛ إنه أحد المشاريع القليلة التي تركز على قابلية التشغيل البيني للبلوكتشينات (blockchain interoperability)، وهو شيء نحتاجه بشدة الآن.
دعونا نلقي نظرة عميقة على نظام كوزموس البيئي.
ما هو كوزموس (ATOM)؟
تقدم كوزموس (Cosmos) طريقة مختلفة على البلوكتشين النموذجي للطبقة الأولى (L1). حيث تركز معظم بلوكتشينات الطبقة الأولى على توسيع شبكاتهم، حتى يتمكنوا من تقديم حالات استخدام متنوعة، على سبيل المثال: الرموز الغير قابلة للاستبدال (NFTs) والتمويل اللامركزي (DeFi) والتطبيقات اللامركزية الأخرى. ولكن هذا النهج يؤدي إلى الازدحام، ويؤدي إلى ارتفاع رسوم الشبكة بالنسبة للمستخدمين النهائيين (هؤلاء المستخدمين هم نحن!).
يقلب كوزموس هذه الديناميكية رأساً على عقب، فلا يركز على البلوكتشين على الإطلاق. بدلاً من ذلك، تقوم شركة كوزموس (Cosmos) ببناء نظام بيئي من “البلوكتشين الخاصة بالتطبيقات”.
“هل يبدو الأمر خيالياً، ما كل هذا؟” إن البلوكشين الخاصة بالتطبيقات هي بلوكشين تُشغل تطبيقاً واحداً. نتيجة لذلك، وبدلاً من امتلاك بلوكتشين واحد كبير يتعامل مع جميع التطبيقات ومعاملاتها، فإن كل بلوكتشين يتعامل مع ملكيته الخاصة. يُسهل هذا النهج على المطورين تحسين سلاسل الكتل الخاصة بالتطبيقات الملائمة لحالة الاستخدام الخاصة بهم، وبالتالي يكونون قادرين على توفير (على الأقل من الناحية النظرية) سيادة وأمن وأداء أفضل. ببساطة فكر في كوزموس على أنه نظام iOS من آبل (Apple)، يوفر للمطورين النظام الأساسي والأدوات لكي يقوموا بإنشاء تطبيقات مُصممة خصيصاً لاحتياجات المستخدمين.
الهدف من نظام كوزموس البيئي هو تسهيل إنشاء سلاسل كتل جديدة؛ إنه نظام بيئي مبني حول أدوات معيارية مختلفة وقابلة للتَكيُف. يمكن للمطورين استخدام الأدوات الموجودة أو إنشاء أدوات جديدة. تتمثل رؤيتها في بناء “إنترنت البلوكشين”؛ ستكون هذه شبكة من سلاسل الكتل التي يمكنها جميعاً التحدث مع بعضها البعض بطريقة لامركزية.
باختصار، يهدف المشروع إلى إنشاء شبكة من البلوكتشينات الأخرى التي توحدها أدوات مفتوحة المصدر لتبسيط المعاملات فيما بينها؛ هذا التركيز على التخصيص وقابلية التشغيل البيني هو ما يميز مشروع كوزموس عن بقية المشاريع، فبدلاً من منح الأولوية لشبكتها الخاصة، يتمثل هدف المشروع الأساسي في تعزيز نظام بيئي للشبكات التي يمكنها مشاركة البيانات والرموز المميزة برمجياً، مع عدم وجود طرف ثالث مركزي يقوم بتسهيل أو الأشراف على النشاط. دعونا نلقي نظرة على الفريق الذي أسس Cosmos وخلق هذه الرؤية الطموحة.
من هو الفريق الذي يقف خلف كوزموس ؟
Jae Know وEthan Buchman هما المطوران اللذان أنشأا شبكة كوزموس، ولكنها لم تكن عملية مباشرة للغاية. أولاً، قاموا ببناء خوارزمية إجماع Tendermint في عام 2014، هذه هي آلية الإجماع التي تدعم النظام البيئي لكوزموس. ثم أنشأ المطوران شركة Tendermint Inc – أقدم شركة في النظام البيئي، وقد جمعت هذه الشركة أكثر من 9 ملايين دولار في جولة تمويل من السلسلة A لمواصلة تطوير Cosmos.
في عام 2017، أثناء جنون طرح العملة الأولي (ICO)، تم إطلاق Cosmos عبر الـ ICO الذي أجرته مؤسسة (Interchain)، وهي منظمة سويسرية غير ربحية تستثمر في نظام كوزموس البيئي من خلال المُنح. لقد جمعوا أكثر من 17 مليون دولار خلال الـطرح الأولي (ICO)، وقد سمحت هذه الأموال للمطورين بالتركيز على البناء، لقد شاركوا في كتابة ورقة كوزموس البيضاء وأصدروا البرنامج في عام 2019.
وإذا تقدمنا سريعاً إلى اليوم الحالي، والمساهم الأساسي، Jae Know، فقد تنحى عن منصب الرئيس التنفيذي لشركة Tendermint في عام 2020، وهو يُركز الآن على مبادرات أخرى. في الواقع، يختلف مجلس إدارة الشركة بالكامل في هذه المرحلة، ولكن يبقى الهدف – إنشاء نظام بيئي قابل للتشغيل البيني من سلاسل الكتل الخاصة بالتطبيقات.
الآن دعونا نلقي نظرة على الأدوات التي يمكن أن تجعل هذه الرؤية حقيقة واقعية.
ما هي الأدوات التي تدعم النظام البيئي لكوزموس ؟
في السنوات القليلة الماضية، تحسنت تقنية البلوكتشين بشكل كبير؛ وأصبح لدينا الآلاف، إن لم يكن أكثر، من شبكات البلوكتشين الموجودة. ولكن هناك مشكلة واحدة كبيرة – لا يمكنهم التحدث مع بعضهم البعض. لماذا هذا الأمر يعتبر مشكلة؟ ببساطة، لأنه من الصعب إرسال البيانات والأصول من بلوكتشين إلى آخر. على سبيل المثال، إذا كان لديك رمز غير قابل للاستبدال قائم على سولانا، فحظاً سعيداً في محاولة إرساله إلى الايثيريوم؛ في الواقع، إنها مشكلة كبيرة، ويهدف كوزموس إلى حلها، حيث يوفر أدوات تطوير البلوكتشين التي تجعل من بناء بلوكتشينات قابلة للتشغيل البيني أمراً سهلاً. أدناه سنستكشف هذه الأدوات.
١- Tendermint BFT
لن نفهم كيف يعمل Tendermint BFT قبل أن نستكشف طبقات البلوكتشين الثلاثة:
- طبقة التطبيق (Application layer) – الكود الذي يُنشئ نوعاً من الوظائف.
- طبقة الشبكات (Networking layer) – تبث المعاملات والرسائل المتعلقة بالإجماع.
- طبقة الإجماع (Consensus layer) – تسمح للعُقد (nodes) (كلمة خيالية لأجهزة الكمبيوتر) بالاتفاق على الحالة الحالية للنظام.
تكمن مشكلة هذه الطبقات في أنه يتعين عليك بناؤها من الألف إلى الياء عند إنشاء البلوكتشين. آلة الايثيريوم الافتراضية (Ethereum Virtual Machine) كان أحد أكبر الابتكارات في الفضاء المشفر، حيث تسمح هذه الآلة لأي شخص بتخصيص ونشر العقود الذكية على البلوكتشين. ولكنها في نفس الوقت لا تجعل بناء البلوكشتين ذاته عملية سهلة بشكل مُطلق، فلا يزال من الصعب تخصيص حزم البيتكوين والايثيريوم التقنية.
على وجه التحديد، تجمع Tendermint BFT بين طبقات الشبكات وطبقات الإجماع على البلوكتشين في محرك واحد، يسمح للمطورين بالتركيز فقط على طبقة التطبيق، مما يوفر لهم الكثير من الوقت. ويستخدم محرك Tendermint خوارزمية إجماع بيزنطية متسامحة (تتحمل الأخطاء) تُعرف اختصاراً بـ (BFT). يتصل بطبقة التطبيق عبر واجهة تطبيق البلوكتشين (ABCI)؛ باختصار، إنه بروتوكول يسمح للمطورين باستخدام أي لغة برمجة يريدونها. وبهذه الطريقة، يمكنهم استخدام اللغة التي تناسب احتياجاتهم على أفضل وجه.
يسمح Tendermint BFT للمطورين ببناء بلوكشين عامة وخاصة فوقها؛ هذا لأنه يتعامل مع الشبكات وطبقات الإجماع، وللمطورين الحرية الكاملة في تحديد طبقة التطبيق. ما هو أكثر من ذلك، يمكن أن يكون لـ Tendermint BFT وقت كتلة في حدود ثانية واحدة، ويمكنه التعامل مع آلاف المعاملات في الثانية. وهي تحتاج فقط إلى ثلث عُقد المدقق لكي تكون صادقة، ولتعمل بدون أي مفترقات. هذا يعني أننا، المستخدمين، يمكننا الحصول على نهائية فورية لمعاملاتنا.
الآن، ننتقل إلى الأداة التالية في مجموعة تقنيات Cosmos.
٢- Cosmos SDK
مما سبق، نستنتج أن Tendermint BFT يُقلل الوقت اللازم لتطوير البلوكتشين، ولكن لا يزال من الصعب إنشاء تطبيق ABCI من الألف إلى الياء. وهنا يأتي دور مجموعة تطوير برامج كوزموس (SDK)، التي تُعتبر إطاراً معيارياً لبناء تطبيقات بلوكتشين آمنة. يمكن للمطورين استخدام وحدات جاهزة، أو إنشاء وحدات خاصة لحالة الاستخدام الخاصة بهم، ويمكنهم القيام بذلك بدون الحاجة إلى ترميز كل وظيفة من البداية. ومع بدء المزيد من المطورين في البناء على نظام كوزموس البيئي، سيتوسع عدد وحدات الـ SDK، مما يجعل إنشاء تطبيقات البلوكتشين المعقدة أسهل في المستقبل، وهذه أخبار جيدة بالنسبة للمستخدمين.
شيء آخر رائع في Cosmos SDK هو أنه ليس Tendermint BFT حصرياً. فطالما أن محرك الإجماع متوافق مع الـ ABCI، يمكنك استخدام الـ SDK لبناء البلوكتشين الخاص بك. وبمرور الوقت، ستظهر العديد من المجموعات، الأمر الذي سيسمح للمطورين بإنشاء بلوكشين على محركات إجماع مختلفة، وسيتمكن كل منهم من العمل على قمة شبكة كوزموس.
٣- بروتوكول الاتصال بين سلاسل الكتل (IBC)
تربط IBC سلاسل الكتل المخصصة المختلفة في نظام كوزموس البيئي، ويُسمح للسلاسل غير المتجانسة بنقل القيمة (الأصول) أو البيانات إلى بعضها البعض. السلاسل غير المتجانسة عبارة عن سلاسل بلوكشين متعددة الطبقات لها نهائية سريعة، ومعظم السلاسل التي تعمل بأسلوب إثبات الحصة هي سلاسل غير متجانسة.
هذه الأدوات الثلاثة المذكورة أعلاه هي في قلب نظام كوزموس البيئي، دعونا نرى أدناه كيف يتفاعلون لتحقيق رؤية المشروع الأساسية.
كيف تساعد أدوات كوزموس في إنشاء “إنترنت البلوكتشين” ؟
الآن، وبعد أن أصبح لدينا إمكانية الوصول إلى كل هذه الأدوات، كيف سنبدأ في تصميم إنترنت البلوكتشين؟ يمكننا توصيل سلاسل الكتل المختلفة في الشبكة بطريقة نظير إلى نظير (P2P) باستخدام اتصالات IBC، ولكن هذا سرعان ما يصبح غير أمراً غير مُستدام. تخيل 100 بلوكتشين متصلة ببعضها البعض بطريقة نظير إلى نظير عبر الـ IBC، أي 4950 اتصالاً، يحل كوزموس هذه المشكلة ببنيته المعيارية؛ إنها تشكل فئتين من سلاسل الكتل:
- المناطق (Zones) – هذه هي سلاسل الكتل غير المتجانسة الخاصة بك.
- المحاور (Hubs) – هذه هي سلاسل الكتل المُصممة خصيصاً لربط المناطق.
يسمح هذا التصميم للمنطقة بإنشاء اتصال بين الـ IBC مع محور معين والوصول إلى كل منطقة أخرى متصلة بهذا المحور. لذلك تحتاج كل منطقة فقط إلى الاتصال بعدد محدود من المحاور، مما يوفر إمكانية التشغيل البيني الكامل للبلوكتشين. كما أن المحاور تمنع أيضاً الإنفاق المزدوج، إذا تلقت المنطقة رموزاً من مركز، فعليها فقط أن تثق في منطقة أصل الرموز المميزة ومركزها.
وبمعنى آخر، كل بلوكتشين جديد مستقل يتم انشاؤه داخل كوزموس يسمى بالمنطقة (Zone)، ويتم ربطه بعد ذلك بالمحور (Hub)، والذي يحتفظ بسجل لحالة كل منطقة والعكس صحيح. وأول محور ضمن نظام كوزموس البيئي هو محور كوزموس (Cosmos Hub) برمزه الأصلي أو عملته (ATOM).